الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة البقرة: آية 267]: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)}..اللغة: {تُغْمِضُوا} الإغماض: غضّ البصر، وأغمضت العين إغماضا وغمّضتها تغميضا: أطبقت الأجفان. والمراد به هنا التجاوز والتسامح والمساهلة..الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} تقدم إعرابها، وجملة النداء وما يليه مستأنفة مسوقة لبيان ما ينفق منه، أي أنفقوا من حلال ما كسبتم وجيده {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ} أنفقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل ومن طيبات الجار والمجرور متعلقان بأنفقوا وما اسم موصول في محل جر بالإضافة وجملة كسبتم صلة الموصول {وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} ومما عطف على من طيبات وجملة أخرجنا لا محل لها لأنها صلة الموصول ولكم جار ومجرور متعلقان بأخرجنا ومن الأرض متعلقان بأخرجنا. ولك أن تعلقهما بمحذوف حال، أي: ناجما من الأرض. ويرحم اللّه الفقهاء ما أثقب أذهانهم فأبو حنيفة أبقاه على عمومه في الزكاة، والشافعي خصه بما يزرعه الآدميون وكلاهما صحيح {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ} الواو عاطفة ولا ناهية وتيمموا فعل مضارع مجزوم بلا وأصل تيمموا: تتيّمموا بتاءين حذفت إحداهما تخفيفا والواو فاعل والخبيث مفعول به ومنه متعلقان بمحذوف حال من الخبيث {تُنْفِقُونَ} الجملة حالية ومفعول تنفقون محذوف أي تنفقونه {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ} الواو حالية وليس واسمها والباء حرف جر زائد وآخذيه مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ليس وحذفت النون للإضافة والهاء مضاف اليه، والجملة حال من فاعل تنفقون أي الواو {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} أداة حصر وأن وما في حيزها مصدر منصوب بنزع الخافض أي بأن تغمضوا، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال، فهو استثناء من أعم الأحوال، ولك أن تعلقهما بآخذيه، وهو أسهل {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} الواو استئنافية واعلموا فعل أمر والواو فاعل وأن واسمها وخبراها سدت مسد مفعولي اعلموا..البلاغة: في هذه الآية استعارة تصريحية وذلك في قوله: {إلا أن تغمضوا فيه} شبه التجاوز عن الشيء الجدير بالمؤاخذة بغض العين عما يتفادى المرء رؤبته مما يكره..[سورة البقرة: الآيات 268- 270]: {الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (269) وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (270)}..اللغة: {الفحشاء} المراد بها هنا البخل، والفاحش البخيل. قال طرفة بن العبد:قال الكلبي: كل فحشاء في القرآن فالمراد بها الزنى، إلا هذا الموضع. .الإعراب: {الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} كلام مستأنف مسوق للتحذير من الإصاخة للشيطان ووساوسه. والشيطان مبتدأ وجملة يعدكم خبر والفقر مفعول به ثان أو منصوب بنزع الخافض {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ} عطف على: {يعدكم الفقر} والجار والمجرور متعلقان بيأمركم {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} عطف على الجملة المستأنفة، ومغفرة مفعول به ثان ومنه: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمغفرة، وفضلا: عطف على مغفرة {وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} الواو استئنافية واللّه مبتدأ وواسع عليم خبران للّه {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ} الجملة خبر ثالث للّه أو جملة مستأنفة ويؤتي فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر تقديره هو والحكمة مفعول به أول ومن اسم موصول في محل نصب مفعول به ثان وجملة يشاء صلة الموصول {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} الواو استئنافية ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ ويؤت فعل الشرط مبني للمجهول وعلامة جزمه حذف حرف العلة ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو والحكمة مفعول به ثان {فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} الفاء رابطة لجواب الشرط وقد حرف تحقيق وأوتي فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وخيرا مفعول به ثان وكثيرا صفة والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من {وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ} الواو عاطفة وما نافية ويذكر فعل مضارع مرفوع وإلا أداة حصر وأولو فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والألباب مضاف إليه {وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ} الواو عاطفة وما اسم شرط جازم في محل نصب مفعول به مقدم لأنفقتم ومن نفقة جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، وجعلها كثيرون زائدة، وهو أسهل، ولكنه غير مقيس {أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ} عطف على ما تقدم {فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} الفاء رابطة لجواب الشرط وإن واسمها وجملة يعلمه خبرها والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط {وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ} الواو استئنافية وما نافية وللظالمين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ومن حرف جر زائد وأنصار مبتدأ مؤخر..[سورة البقرة: الآيات 271- 272]: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (272)}..الإعراب: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} كلام مستأنف مسوق لتفصيل ما أجمل في الجملة الشرطية السابقة ولذلك ترك العاطف، وإن حرف شرط جازم وتبدوا فعل مضارع فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل والصدقات مفعول به، فنعما: الفاء رابطة لأن الجواب فعل جامد قال بعضهم في مواضع ربط الجواب بالفاء:ونعم فعل ماض جامد لإنشاء المدح وما نكرة تامة بمعنى شيء في محل نصب على التمييز وفاعل نعم ضمير مستتر مفسر بما هي: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ خبره جملة نعما لأنه المخصوص بالمدح وجملة نعما هي جملة اسمية في محل جزم جواب الشرط {وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ} الواو عاطفة وإن شرطية وتخفوها فعل مضارع فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به وتؤتوها عطف عليه والهاء مفعول به أول والفقراء مفعول به ثان {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} الفاء رابطة للجواب وهو ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ وخير خبر ولكم جار ومجرور متعلقان بخير والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ} الواو استئنافية ويكفّر فعل مضارع مرفوع والجملة خبر لمبتدأ محذوف أي واللّه يكفر عنكم وعنكم جار ومجرور متعلقان بيكفر وقرئ بالجزم عطفا على موضع الفاء في قوله: {فهو خير لكم} لأنه جواب الشرط ومن سيئاتكم متعلقان بمحذوف صفة لمفعول به محذوف أي: شيئا من سيئاتكم، نص على ذلك سيبويه، وهو أولى من جعلها زائدة في الكلام الموجب، كما صنع المعربون كأبي البقاء وغيره {وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} الواو استئنافية واللّه مبتدأ وخبير خبره والجار والمجرور متعلقان بخبير وجملة تعملون لا محل لها لأنها صلة {لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ} كلام مستأنف مسوق للتشدد في العقيدة والنهي عن التساهل مع أعداء اللّه وأعداء دينه، ومعلوم أنه كانت هنا قرابات ومصاهرات في اليهود، فنهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن التصدق عليهم لحملهم على الانضواء إلى الدين القويم. وليس فعل ماض ناقص وعليك خبرها المقدم وهداهم اسمها المؤخر وهو مصدر مضاف لمفعوله {وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ} الواو اعتراضية لا محل لها والجملة لا محل لها ولكن واسمها وجملة يهدي خبرها ومن اسم موصول مفعول يهدي وجملة يشاء لا محل لها لأنها صلة الموصول {وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} الواو عاطفة على ما قبلها وما شرطية جازمة في محل نصب مفعول به مقدم لتنفقوا وتنفقوا فعل الشرط ومن خير في محل نصب حال والفاء رابطة لجواب الشرط ولأنفسكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: فهو لأنفسكم، والجملة في محل جزم جواب الشرط {وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ} الواو عاطفة وما نافية وتنفقون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعله وإلا اداة حصر وابتغاء مفعول لأجله فالاستثناء من أعم العلل ووجه اللّه مضاف إليه {وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ} تقدم إعرابها {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} جواب الشرط مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة ونائب الفاعل مستتر تقديره هو وإليكم جار ومجرور متعلقان بيوفّ {وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} الواو حالية وأنتم مبتدأ وجملة لا تظلمون خبر أنتم، والجملة الاسمية في محل نصب حال. ولك أن تجعل الواو استئنافية فتكون الجملة مستأنفة لا محل لها.
|